السبت، 3 سبتمبر 2016

مقال ديني 4

يقول أحمد أمين في كتابه ضحي الاسلام  الجزء الاول .. صفحه رقم 23و24....
جاء إلي علي جماعه من أصحابه يشيرون عليه أن يفعل بأموال الأمه كما يفعل معاويه بها لكي يجذب إليه الأشراف والرؤساء من قريش.. وقبائل العرب الاخري ، فقال (( أتأمرونني أن أطلق النصر بالجور ))
..
.
. إن الناس في ذلك العصر لم يفهموا أهميه هذا النزاع حق الفهم . فالعامه كانت تجري وراء رؤسائها ، والرؤساء كانوا يميلون نحو من يعطيهم من المال حظاً أوفر . ولايهمهم أن يكون هذا المال منهوبا أو مغصوباً ...

ولم يفهم الناس أهميه هذا النزاع إلا في العصور الحديثه وذلك بعدما نضج الرأي العام وأشتد وعي الشعوب وأخذوا يحاسبون حكامهم علي كل قرش يصرفونه من أموال الامه ....
ومن المؤسف أن نري رجال الدين في الاسلام لايزالون حتي وقتنا هذا غير مدركين لهذا الامر العظيم ... فهم مشغولون بالتفاضل بين أبي بكر وعلي ويعدون النزاع بين علي ومعاويه أمراً ثانوياً..
لقد كان ابي بكر وعلي كلاهما عادلين حريصين علي أموال الامه لا يأخذان منها شيئاً لهما أولاصحابهما وأقربائهما ... وقد نجد بعض الاخطاء هنا وهناك ولكنها أخطاء محتمله قد يعفو الله عنها .. وسبحان من لايخطئ ...

أما النزاع بين علي ومعاويه فهو أعمق من هذا بكثير .. إنه نزاع جذري علي تعبير أهل هذا العصر ... فهو لايدور حول أخطاء بسيطه ، إنما هو يدور حول مصير الامه : هل تجري في طريق العداله الاجتماعيه أم تجري في طريق الحكم الطاغي  الذي لايعرف عدلا ولا مساواه . .....

فأهل السنه يرون عليًا ومعاويه كلاهما مجتهد . إذ كان يريدان الحق بتلك الحروب الطاحنه التي شنها أحدهما علي الاخر . ثم يعود أهل السنه فيقولون .. إن عليًا كان مصيباً في إجتهاده ومعاويه كان مخطئاّ .. والمجتهد مثاب مأجور حين يخطئ وحين يصيب ...

فالقضيه أصبحت في نظر هؤلاء مسأله خطأ وصواب في الاجتهاد لاغير ...

أما الشيعه فهم يجدون النزاع في هذه القضيه بين مؤمن ومنافق . ثم لا يتغلغلون وراء النزاع ليفحصوا المبادئ الاجتماعيه التي تكمن وراء هذا الصراع ..
صار علي في نظر هؤلاء مجرد إمام أوجب الله حبّه علي العباد .. أما ذلك الكفاح الجبار الذي قام به في سبيل العداله الاجتماعيه فلا أهميه له عندهم ...

.
.
.
. يروي الشريف الرضي في كتابه نهج البلاغه أن أحد أصحاب علي سأل عليّا عن قضيته مع أبي بكر وعمر وعثمان ولماذا أستأثروا بالخلافه دونه وهو أحق بها منهم ، فأجاب قائلا : يا أخا بني أسد .... أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الاعلون نسباً والاشدون برسول الله نوطاً فإنها أثره شحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخريين ، والحكم لله والمعود إليه يوم القيامه ...

ودع عنك نهباً صيح في حجراته . وهلم الخطب في ابن ابي سفيان فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه ، ولا غرو والله فيا له خطبا يستفرغ العجب ويكثر الأود ، حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه وسد فواره من ينبوعه .. وجدحوا بيني وبينهم شراباً وبيئاً ، فإن ترتفع عنا وعنهم محن البلوي أحملهم من الحق علي محضه ، وإن تكن الاخري فلاتذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون ... إنتهي حديث علي في نهج البلاغه .

إن هذا القول المذكور في نهج البلاغه يكشف لنا عن رأي علي في أمر الخلافه والامامه بوضوح . فعلي يدع قضيته مع ابي بكر وعمر وعلي وعثمان إلي الله ليحكم فيها بحكمه .. فهي قضيه رئاسه حرص عليها قوم وتسامح عنها آخرون ..
وهي إذن ليست بذات أهميه كبري . إن الاهميه الكبري في رأي علي تنحصر في نزاعه مع معاويه بن أبي سفيان إذ أنًّ معاويه يريد أن يطفئ نور الله . وعلي مصمم إذن أن يحمله علي الحق أو يموت دون ذلك .......

وما أجدر المسلمون اليوم أن يتعظوا بهذا القول الحكيم . إنهم مشغولون بأمر علي وأبي بكر : أيهما أفضل عند الله . وينسون أمر علي ومعاويه وما فيه من نزاع إجتماعي عميق ...!

بإختصار شديد .. النزاع بين ابي بكر وعلي غير مفيد
لاننا ندرس التاريخ لكي نستفيد ونفيد حاضرنا ومستقبلنا ... هذا هو مقصد الشعوب الحيه من دراسه التاريخ ..ومن السخريه أن نتجادل علي أمر مضي عليه أربعه عشر قرناً من غير أن ننفع به حاضرنا أو مستقبلنا ...

وأبطال التاريخ بصفه عامه لا قيمه لهم إلا بمبادئهم وبالاخص المبادئ الاجتماعيه التي كانوا يسعون ورائها .. ونحن حين ندرس التاريخ نريد أن نستشف المبادئ فيه ..أقصد عندما ندرس التاريخ دراسه حقيقيه ..ونتخذ الابطال رموز لتلك المبادئ ... لا لشئ آخر ...
إن البطل .. أو عظماء التاريخ لاشأن له بحد ذاته .. ومنزلته الاجتماعيه تقاس بما حمل من مبادئ وبمقدار سعيه إلي تحقيقها  وبمبلغ تضحيته في سبيلها ... قس تلك المعايير علي ابطال تاريخيين سوف تكتشف انهم ليسوا أبطالا .. وقسها علي أخرين سوف تكتشف إنهم أبطال حقيقيين ويستحقون التقدير .... ومنهم علي وابن مسعود وعمار والارقم بن ابي الارقم اين الارقم اين الارقم اين اين اين
اين أحاديث الارقم اين صحبته للرسول 23سنه لانه اسلم بعد شهرين من نزول الوحي لاول مره ..واين جهاده وبسالته في عهد ابي بكر ضد المرتدين وعمر في حروب فارس والرومان وعثمان في استكمال الفتح وفتح إفريقيا ... أو لأنه قاتل مع علي في صفين ... إن حصار أدبي وإجتماعي رهيب لايزال إلي الان من الامويين ومن يسير علي شاكلتهم ..


.
.
.
.
. ..... وغداً نكمل

المصادر
مقدمه ابن خلدون
الموعظه الحسنه.   ....   محمد صالح القزويني

ضحي الاسلام ..... احمد امين الاجزاء الثلاثه

نهج البلاغه .. الامام محمد عبده
نهج البلاغه الشريف الرضي
شرح النهج .. ابن ابي الحديد
العداله الاجتماعيه في الاسلام ... سيد قطب

مهزله العقل البشري. .. علي الوردي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق